سعيد بوتفليقة، الرجل الذي حطم إمبراطورية مافيا الحكم



يقف سعيد بوتفليقة منذ سنوات كرجل الظل في حكومة شقيقه ورئيس الدولة الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة. عرف بطموحه وحنكته وتأثيره اللافت، خصوصا بعد تدهور الحالة الصحية ودوره في حماية هذا الأخير من خطر مافيا الحكم التي تسارعت في المطالبة بتفعيل القانون وتنحية بوتفليقة.

 يشغل سعيد بوتفليقة منصب مستشار في الرئاسة الجزائرية برتبة وزير، وقد عين بمرسوم غير منشور. ويتمتع الشقيق الأصغر لرئيس الدولة الجزائرية ومستشاره الخاص، بنفوذ كبير. وخير دليل على ذلك، التعتيم الإعلامي الذي فرضه طيلة فترة معالجة عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا في مستشفى فال دوجراس العسكري بفرنسا (من 27 أبريل إلى 16 يوليو) حيث ينتقي سعيد المعلومات، يسدي التوصيات والتعليمات للحكومة، للمسؤولين في الرئاسة، لوسائل الإعلام العمومية وحتى الخاصة منها، لجبهة التحرير الوطني(الحزب الحاكم، فمن هو هذا الرجل؟

 عمل سعيد بوتفليقة كأستاذ محاضر بجامعة هواري بومدين باب الزوار حتى عام 1999، سنة انتخاب عبد العزيز بوتفليقة للرئاسة.  أصبح سعيد بوتفليقة اليوم الرابط القوي لأسرة بوتفليقة والعمود الفقري للرئاسة في الجزائر. تبدو حياة هذا الرجل الغامض ذي النفوذ القوي سواء في قصر المرادية أو في المدينة ذاتها لغزا يصعب حله بيُسر. ووفقا لوثائق سرية كانت قد سربت في وقت سابق من موقع ويكيليكس، فإن وزارة الخارجية الأميركية نفسها طلبت سنتي 2008 و 2009 من دبلوماسييها في الجزائر وفرنسا والمغرب وتونس بالتحقيق والنبش وراء هذا الرجل "السري والكتوم".

 ورغم العلاقة الجيدة التي تربطه بالصحافيين إلا أنه نادرا ما تجرأ أحدهم وحصل على سبق صحفي منه. فهو لا يحب المقابلات الصحفية ولا يريد الظهور في وسائل الإعلام، وأصدقاؤه يخافونه ويرفضون حتى الإدلاء بشهادتهم للصحافة. الكل يتعقب خطاه وينتقده حتى أن أحد مقربيه يقول: "لا تتعب نفسك، لن يتكلم أبدا". ولد سعيد بوتفليقة سنة 1957 في عائلة تتكون من تسعة أفراد، بعد عشرين عاما من ولادة عبد العزيز، في وجدة، المدينة الحدودية المغربية. وكان والده الذي توفي بعد ولادته بعام يعمل وكيلا بسوق الجملة. ترعرع الصبي في أحضان والدته، منصورية. وفي غياب الأب تربى سعيد على يد شقيقه الأكبر عبد العزيز وتحت جناحه كما لو كان ابنه الحقيقي. ثم في وقت لاحق، تتلمذ سعيد على يد هواري بومدين "صديق العائلة"، الذي كان يحبه إلى درجة أنه ترك بصمته الخاصة في حياته".

كان سعيد بوتفليقة طالب متوسط ومتحفظ غداة الاستقلال عام 1962، انتقلت العائلة إلى الجزائر، وأصبح عبد العزيز آنذاك وزيرا للشؤون الخارجية في عهد الرئيس أحمد بن بلة. لتستقر العائلة إثر ذلك في العاصمة الجزائرية، حيث تعلم سعيد في أفضل مدارس العاصمة. وبعد حصوله على شهادته من جامعة بباب الزوار، تحول إلى باريس سنة 1983 للتفرغ للدكتوراه في الذكاء الاصطناعي.
 وكانت آنذاك الأوضاع قد بدأت تتوتر في العاصمة الجزائرية، خصوصا بعد وفاة الرئيس بومدين في 27 ديسمبر 1978، وأبعد بعد ذلك عبد العزيز بوتفليقة عن الوزارة من قبل الجيش الذي كان يفضل العقيد الشاذلي. ثم بعد رفضه في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني في ديسمبر كانون الأول عام 1981، قرر الوزير السابق أن يختار المنفى. من باريس إلى دمشق ثم جنيف وأبوظبي، تنقل عبدالعزيز بوتفليقة بين العواصم يعرض خدماته كمستشار مالي دولي، ولم يعد إلى الجزائر لسنوات عدة، خصوصا أنه لم ينس أبدا كيف غادرها ولا مرارة المؤامرة التي حيكت ضده والتي ظلت ترافقه كل تلك السنوات: "كان بإمكاني مسك السلطة بعد وفاة بومدين. لكن في الواقع الجيش نفّذ انقلابا سلميا وفرض مرشحا غير متوقع" هذا ما صرح عبد العزيز بوتفليقة في 8 يوليو 1999 في محطة الإذاعة الفرنسية اوروبا 1.

 ولم تنج أسرة بوتفليقة أيضا من هذه المؤامرة، فعملية الإطاحة طالتهم وطالت حتى المقربين من الرئيس بومدين، حيث أجبروا على مغادرة المنزل الذي كانوا يسكنونه في تلك الفترة. والكثير من الجزائريين يتذكرون تذمر والدة بوتفليقة وإخوته جراء تعرضهم للظلم.

 بعد ذلك، اتهم عبد العزيز بوتفليقة بالاختلاس من قبل محكمة مراجعة الحسابات في 8 أغسطس 1983. لكن بوتفليقة الذي كان دبلوماسيا كبيرا آنذاك – بين عامي 1965 و 1978 – طلب من القنصليات والسفارات الجزائرية دفع فوائضها على مرتين من حساباته الشخصية في سويسرا. وكان هدف الادعاء هو تشويه الوزير السابق إلى الأبد. وعلى عكس ما يقال أو يعتقده البعض، لم يكن سعيد أو عبد العزيز يملك ثروة طائلة خلال فترة إقامته في المنفى، حيث يقول أحد معارفه القدامى الذي كان يرافقه في باريس: "بالتأكيد كان عبد العزيز مدعوما من قبل أصدقائه في فرنسا، لكنه كان بعيدا عن أن يصبح مليونيرا. أما بالنسبة لسعيد، فلئن كان قد عاش في حي راق بباريس فإن ذلك لا يدل أبدا على كونه كان يعيش في ترف فقد كان يسكن في غرفة صغيرة وكان يجد صعوبة كبيرة في تلبية احتياجاته كل شهر".

لا تأسفنَّ علي غدرِ الزمانِ


 تزامنت عودة سعيد إلى الجزائر في عام 1987 مع نهاية عقوبة أخيه الأكبر. فبعد ست سنوات خارج البلاد، استعاد عبد العزيز بوتفليقة احترامه مجددا خاصة من خلال إعادة الانخراط في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني. وفي أعقاب ذلك، استعادت عائلته فيلا سيدي فرج، التي صادرها صهر الشاذلي بن جديد وزير الدفاع الجزائري في تلك الفترة، بالإضافة إلى منزل آخر في حي بيار في العاصمة الجزائرية.

وفي خضم ذلك لم يبتعد الأخوان أبدا عن بعضهما البعض فحتى في المنزل الذي سكنا فيه أخذ الأخ الأكبر الطابق السادس، والأصغر سنا سكن بالطابق الخامس. ولكن سعيد كان إلى حين ذلك الوقت بعيدا عن السياسة. وفي سبتمبر 1998، أعلن الرئيس ليامين زروال استقالته وإجراء انتخابات مبكرة. ومن هنا بدأت الحقبة الجديدة لأسرة بوتفليقة. وبعد رفضه لعرض الجيش في يناير كانون الثاني عام 1995 بالعودة إلى الساحة السياسية وتقديم ترشحه للانتخابات، قرر بوتفليقة قبول العرض هذه المرة والعودة إلى السياسة كمرشح توافقي. ويقول وزير سابق في الحكومة الجزائرية إن سعيد كان خلال تلك الفترة إلى جانب شقيقه الأكبر، لكن في كنف السرية التامة.

 "سعيد لعب دورا ضئيلا في الحملة الانتخابية لشقيقه، وفي فيلا حيدرا بالجزائر، التي كانت بمثابة المقر الرسمي للعائلة، كان يعرفه عدد قليل جدا من الناس فلم يكن حتى ضمن التنظيم الحزبي لبوتفليقة". عشرون عاما بعد الإطاحة به والدفع به إلى المنفى انتخب عبد العزيز بوتفليقة في 15 نيسان 1999 رئيسا للبلاد، وأصبح محاطا بأفراد عائلته.

 وفي مقر الرئاسة، تولى سعيد رسميا إدارة قسم تكنولوجيا المعلومات. وكان يرافق رئيس الدولة في كل تحركاته. ويقال إنه خلال الولاية الأولى لعبد العزيز بوتفليقة كان هناك أكثر من عشرين مستشارا في القصر الرئاسي. واختار الرئيس أشخاصا من ذوي الخبرة العالية للإشراف على أمن الرئاسة. ولكن قبل سنة من نهاية السنوات الخمس الأولى للحكم، بدأت قوة صغير أسرة بوتفليقة تنمو فجأة. ليصبح "عيون وآذان" رئيس الدولة التي لا تنام. كان الشخص الوحيد الذي يدخل مكتب الرئيس دون إعلان مسبق.

 أعلن عن نقل الرئيس بوتفليقة إلى باريس للعلاج، فخفتت حدة الانتقادات تجاهه. لكن علت أصوات من أحزاب وشخصيات وصحف تطالب بالتقرير الطبي للرئيس بوتفليقة، ومدى أهليته في إدارة دفة الحكم. ورغم الضغط الإعلامي والسياسي الكبير الممارس لم يظهر الرئيس ، وأثبت سعيد بوتفليقة مرة أخرى حنكته وذكائه في حماية أخيه الأكبر.

 وسألت الصحافة مدير جريدتي ومؤلف كتاب "مافيا الجنرالات" هشام عبود، عن دوائر القرار النافذة حاليا بالبلاد، فأجاب "لم تبق هذه الدوائر منذ تفكيك العلبة السوداء من طرف الرئيس الحالي والتي كانت متكونة من 11 جنرالا، ولم يبق من العلبة إلا الخيال. واستطاع سعيد بذكائه الخارق أن يجرف الساحة السياسية لمصلحته، فاخترق جميع الأحزاب وجعلها بلا رأس، وحاول اختراق جميع المؤسسات الأمنية والإدارية والرقابية والقضائية في الدولة وزرع عيونه هنا وهناك. 

إرحل!



أتردد منذ مدة في كتابة هذه الأسطر عن الحدث التي تشهده الجزائر منذ إعلان السيد عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لرئاسة الجزائر للعهدة الرابعة، ورغم أن كل هذا التهليل لا معنى له إلا أن المواطن الجزائري معروف بعفويته فهو لا يعني ما يقوم به في معظم الأحيان.
فمن ينكر ما قام به الرئيس، الذي وخلال 15 سنة من قيادته لأعظم أمة في أفريقيا لم يتوان يوما عن منح الجزائر مكانتها المفقودة بين الأمم، الجزائر التي انتهكت كرامتها طوال 132 سنة لم يشفع لها دماء شهدائها الذي ارتوى به كل شبر منها أمام الجحيم الذي عاشته الأمة خلال عشر سنين من الرعب والمذلة، فهو اجحد الناس.

هذا وكأنّ نكران الجميل بات من سمات الجزائريين، فالشعب الذي أخرج من ظلمات الجهل منذ قرون بعد فتح العرب حاملين رسالة الإسلام التي تبناها شعبها فتمازجت الأعراق ولم نعد نعرف سكان البلد القدامى من العرب، هاهو يعود اليوم بخطاب خيط على المقاس من مجهولين ليحمله جهلة يدعون عدم عروبية الجزائر وأصبحت لغة الضاد، التي بنيت بها حضارات القرون الوسطى والتي أتقنها أجدادهم ، أنذل ما تنطق به أفواههم بل وتراهم اليوم يتفانون في وفائهم للغة فرونسا التي لم تبني إلا مصانع الخراب والتخلف أينما حلت.

لن أتكلم في قطعة الزلابية هذه عن إنجازات اعظم رجال الجزائر، السيد عبد العزيز بوتفليقة لآن الأقلام ملت من رسم نفس الحروف وعلى الأوراق نفسها، معجزات لم يقم بها أي قائد عربي ولا حتى إفريقي، في بلد ابتلاه القدر بكل الرذائل من جهل وفقر وتخلف في كل الميادين.

إن قناعتي بأن الخطاب الذي يتغنى به بعض الجزائريين اليوم (نعم لأنهم أقلية) هو خطاب نسجه أعداء الرئيس (نعم لأنهم كثرة) خاصة من أصحاب المال، الذين أغلقت عليهم اللعبة منذ 15 سنة ويريدون الدفع برئيس يضمن لهم نشر أعمالهم والحصول على إمتيازات خاصة لم يحصلوا عليها طيلة 15 سنة السابقة، وفكر زرعته بعض الصحف المملوكة لهم، كما إنه من المهم ذكر دور الشبكات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية المكتوبة بالفرنسية غالبا والتي تتسابق على ذكرها كمصدر وسائل الإعلام الفرنسية، رغم كون هذه المواقع مدارة من طرف أفراد مبتدئين وهواة  لا صلة لهم بالإعلام،  في كل مرة سمح لها بنشر سمومها على الجزائريين بما أن الإعلام الفرنسي لا تستهلكه إلا الدول الأفريقية منها الجزائر.

 فلقد قامت صفحة الجزائر 360 مثلا، بنشر هذا الفيديو لثلاث متظاهرين أمام مقر البريد المركزي في العاصمة الجزائر تم اعتقالهم من طرف الشرطة لأن تجمهرهم غير قانوني (ثلاث متظاهرين فقط)، الصفحة والتي يتابعها الآلاف قامت لسبب ما بكتابة عنوان بالفرنسية "قمع مظاهرات ضد العهدة الرابعة لعبد العزيز بوتفليقة".. ؟؟




وفي الأخير على الجزائريين الذين يطالعون هذه الأسطر لآن (لأن لديهم إتصال إنترنت)، نعم لأن فقط مليون ونصف المليون جزائري لديه إتصال إنترنت (إنهم أقلية) والقليل منهم لديه الوقت الكافي للتهجم على الرئيس ونعته بافظع الصفات حتى وصل الأمر بالبعض إلى الدعاء له بالموت!
 الجزائريون يهزؤون من ترشح بوتفليقة على النت  

فلا خوف على الجزائر إذا وعلى السيد عبد العزيز بوتفليقة إذا كانت الجزائرية للإتصالات جمعت أنذل الجزائريين على الإنترنت، فالجزائر تحمل على أرضها 38 مليون جزائري.